Cherreads

UNDER THE TWIN MOONS

Lilyan_Evermist
7
chs / week
The average realized release rate over the past 30 days is 7 chs / week.
--
NOT RATINGS
929
Views
Synopsis
أورورا، ذات الروح الرقيقة والقلب المليء بالأحلام، لم تكن تدري أن النزهة البسيطة مع أهلها ستفتح لها أبواب عالمٍ آخر، عالمٍ لا يشبه دفء بيتها ولا ضحكات أهلها. كانت تخطو بخطى هادئة، تحت ظلال الأشجار المتهدلة، والنسيم يلاعب خصلات شعرها كأنه يغني لها لحن الأمان، ولكن فجأة، تبخرت تلك اللحظات، وظهر في الأفق ظلٌ غامض، رجلٌ لا تعرفه، تلاحقها عيناه بلهيب من الخوف والهرب، وكأنّه يحمل في نفسه كل نذر الألم والشتات. دخلت أورورا في دوامة غريبة، عالم مليء بالحروب التي تعصف بالأرواح، وبالجشع الذي يبتلع القلوب، والطمع الذي يذوب به الندى كأنه نار لا تنطفئ. هناك، حيث لا مكان للطفولة ولا للبراءة، تعالت أصوات المعارك وصدى النداءات يتردد في أرجاء ذلك العالم الذي جمد الوقت فيه على وجع الماضي. تتردد أورورا بين الحنين إلى عالمها الأول، حيث العائلة والحب، وبين بقاءها هاربة من مرارة الحياة التي عرفتها. هل سترجع إلى دفء أحضان امها، أم ستبقى طيفًا تائهًا في عوالم لا تعرف الرحمة؟ ذلك الصراع ينبض في قلبها كنبضات المطر على نافذتها في ليالي الوحدة، حيرة تتقاذفها رياح المصير، بين الرجوع والخوف، بين الأمل والخذلان. وفي أعماقها، تشتعل نار لا تهدأ، نار الإصرار على البقاء رغم الألم، لأن أحيانًا الخوف هو الطريق الذي يقودنا إلى اكتشاف قوتنا الحقيقية. أورورا، بين حلم وواقع، تسير، كزهرة في عاصفة، تبحث عن ضوءها، عن ذاتها، عن الحرية التي تستحقها.
VIEW MORE

Chapter 1 - UNDER THE TWIN MOONS

The air was scorching hot.

Trees stood in her path like stubborn guardians, branches clawing at her arms as she pushed them away.

She stood at the edge of a cliff—beneath her, a raging sea crashed violently, its waves thrashing to the right, then to the left...

She stopped quietly, breathing deeply — inhaling and exhaling as if these were her last breaths.

But there was no other choice.

Behind her, a masked man was chasing her.

Aurora, thirty years old, jumped.

The man looked down, took a photo of her as she leapt,

His heart rested, and his mind whispered, She's dead.الهواء ساخنٌ جداً، الاشجار عائقٌ في الطريق يدٌ تدفع الاغصان ، على حافة الجبل ، بحر غاضب امواجه تارةً يميناً وتارةً يساراً ،توقفت، هدوء، انها تتتنفس بعمق شهيق وزفير وكأنها انفاسها الأخيرة ، لكن لا خيار آخر ، انه خلفها رجل ملثم يلاحقها ،

قفزت اورورا ذات الثلاثين عاماً ،

نظر الرجل للأسفل التقط صورة لها وهي تقفز ، استراح قلبه وهمس عقله ماتت

الفصل الثاني

عائلتها تبحث عنها بكل مكان ، صدى صوتهم غير مسموع لها

زوجها يبحث امها أباها أختها لكن لا أثر لها

، عم الليل وأنار القمر السماء ، الام تبكي اين انتي بنيتي اتصلوا بالشرطة أرجوكم ، أختها :امي هي ليست صغيرة لابد من ان طرأ شي مهم ذهبت دون ان تخبرنا ، الام لكانت إتصلت بنا ، الاخت لابد من هاتفها فصل شحنه

الفصل الثالث:

اتت الشرطة ، جاري التحقيق والبحث الجميع خائف زوجها يبكي ، المحقق أليست لزوجتك أعداء ، الزوج لا ابداً انها شخص لطيف وهادئ ، مرت شهور ولم يجد لها اثراً ،

الفصل الرابع:

اوروا عندما قفزت للبحر ابتلعها البحر ضاق صدرها إنقطع نفسها رويداً رويداً أغمضت عينيها ، واستسلمت للبحر الغاضب ، ظهر ظل من العدم وسحبها من قدميها ، الفصل الخامس:

تفتح عينيها وتغمضها ببطء وتعيد فتحها هل مت ام انا على قيد الحياة ؟! تهمس بنفسها ، طفل صغير جالس بقربها يتامل وجهها نظرت اليه من هذا؟! صرخ الطفل لقد افاقت ياامي انها حية وركض الى حضن امه ، شدت اورورا عزمها وحاولت ان تجلس ، المكان غريب جداً امرأة ترتدي ثياباً قديمة بنية تضع إكسسوارات من الزمن القديم ، المنزل ريفي وباهت جداً ، وكان اي عاصفة تدمرها ، همهمت بنفسها اين انا ومن هؤلاء ، حاولت ان تقف لتجد رجلا قادما بيديه غزالا والسهم في عنقه يشرُّ الدماء على جسد الرجل ، نظر إليها وقال لزوجته يبدو انها استيقظت!!

الزوجة حتى انا دهشت عندما افاقت كانت العاصفة قوية والبحر موجاته عالية ، ماذا نفعل بها انها تبدو غريبة انظر للباسها لا ترتدي فستانًا ، ماهذا ؟! الرجل دعيكي من لباسها اسألي ماهي بحاجة له كيف تساعدها لابد من انها كانت ليلة شاقةً جدا عليها ، إقتربت منها الزوجة ، هل انتي بخير مارأيك ان تنهضي معي اعطيكي شيئاُ من عندي ترتديه، اورورا هلا تخبريني اين انا ؟! الزوجة ، كان الجو عاصف جدا البارحة ، راك زوجي باليل عندما كان يحاول ان يثبت سطح المنزل ، هرع لاخراجك من البحر ، نظرت اليها اورورا شكرا لكم لولاكم لكنت ميتة الآن ، الزوجة لا شكر على واجب هلمي معي غيري لباسك ،، ريثما يشوي جوزي لحم الغزال ،

كان الشتاء قاسيًا كأن السماء عقدت حقدها فوق الأرض.

ريحٌ تعوي بين الجدران الطينية، تُنذر بالمزيد من البرد والجوع.

كانت أورورا تجلس في زاوية الكوخ ، يكسو كتفيها جلد غنم سميك، وتمدّ كفيها المرتجفتين نحو نار صغيرة مشتعلة في موقد مكشوف وسط الغرفة.

لهيب النار لم يكن كافيًا ليذيب قسوة الوحدة،

لكنه كان الملاذ الوحيد بعد أن تعلّمت كيف تحمي نفسها من بردٍ لا يرحم.

أورورا، القادمة من عالمٍ آخر، لم تعرف في حياتها بردًا يُطرق على العظام كما فعل هذا الشتاء.

كان بردهم مختلفًا، صامتًا، قاسيًا، يجعل الجلد يتشقق، ويجعل النوم معركة.

جلست قريبة من النار المكشوفة، لا تهاب الشرر ولا الدخان، بل تسكنها النار كما لو كانت قطعة من قلبها المشتعل.

تمدّد جسدها المنهك قرب الموقد، تراقب لهيبًا يتراقص كأنه يروي لها حكايات البقاء.

هي الآن تعرف جيدًا:

ليس كل نار تحرق، بعض النار تُبقيكِ حيّة.

المشهد السادس

قطع الصياد الغزال ، واخبر ابنه ان ياخذ يوزع الباقي على جيرانه ، بدلت اورورا ملابسها ، وجلست تتأمل الطبيعة والبحر ، الجبال خلفها والبحر أمامها مشهد خلاب ، سالت اورورا زوجة الصياد ما اسمك قالت: ايلا وزوجي ماثيو وابننا الصغير إيلي ، سماه زوجي تيمننا باسمي ايلا وايلي ، وضحكت ، ابتسمت وقالت لابد من انه يحبك كثيراً ، ايلا نعم لاتخافي من شكله وضاخمته انه رجلٌ حنون وكريم

....

الفصل السابع: أسئلة لانهاية لها!!

وهم جالسون ياكلون الشواء سألها ماثيو كيف إنتهى بك المطاف بالبحر ، اورورا كان رجلا غريباً يلاحقني ، قالتها بصوت خافت وكأنها تخرجُ جمرةٌ من صدرها، ثم نظرت نحو الارض تهرب من نظراتهم ،فقال لماذا ؟! ردت يبدو ان زوجي أرسله لقتلي ، تعجب الجميع ايلا: ياالاهي

هل حقاً !! ياله من منافق لماذا؟ ، اورورا :مشاكل عائلية لا ادري ان كان من الائق ان اتحدث عنه ، ماثيو سندعك اذا لن نضغط عليكي بالاسئلة انتي ضيفتنا استمتعي ، لأول مرة كانت اورورا تتذوق لحم الغزال ، كان الدخان يتصاعد برائحة الشواء، وصوت النار يهمس وسط الصمت، توقفت قطعة صغيرة ، دافئة يشبه حضناً نسيته منذ زمن ،

....

الفصل الثامن: مدينة فيلامورا

بعد مرور أيام، قررت أورورا أن تعود لمنزلها، بمساعدة ماثيو.

سألها وهو يربط سيفه على خصره:

ما اسم منطقتك؟

ردّت بابتسامة باهتة:

حارة الياسمين.

ضحك ماثيو وقال:

لابد أنك تمزحين! أحـم، حسنًا… أين موقعها بالضبط؟

هزّت كتفيها بأسى:

لا أعلم… لا أتذكر تمامًا.

ساروا لساعات طويلة بين الوديان والطرق الجبلية، حتى وصلا إلى مشارف مدينة.

توقفت أورورا عند أول سور حجري شاهق، عيناها تتسعان بدهشة.

ما هذا؟!

أين أنا؟!

الأسواق ممتدة كأنها لا تنتهي. نساء يرتدين أقمشة حرير مزركشة، ورجال بثياب بنية مهترئة.

صوت الحصون، صليل السيوف، ورائحة البخور والعطور تتراقص في الهواء.

أمسكت أورورا بطرف ثوب ماثيو بأصابعها المرتجفة.

هل هذه… المدينة؟

نعم، إنها فيلامورا، أجمل مدن الشرق القديم.

نظرت حولها في ذهول، كأنها عبرت إلى قصة من كتب الأساطير.

حراس يقفون عند الزوايا، يمسكون سيوفًا ثقيلة ويقلبون أنظارهم في الناس، بائعون ينادون على بضائعهم، أطفال يركضون حفاة، عجائز يجلسون قرب الجدران يرددون أدعية غريبة.

همست أورورا لنفسها وهي تمشي:

هل عدت إلى الوراء؟ آلاف السنين؟

ثم التفتت نحو ماثيو:

يبدو أنني… لن أجد منزلي أبدًا.

نظر إليها بحنان ولم يجب، فقط مشى بجانبها وكأنّه حارسها الأمين.

توقفت أمام بائع عطور، أخذت زجاجة صغيرة واستنشقتها، فإذا بها تذكّرها بأمها، بتلك الليلة التي كانت تمشط شعرها فيها وتقول:

دوّري على نور قلبك إذا أظلمت الدنيا، مو على الناس.

شعرت بالدمعة تحرق جفنها.

شدّت طرف عباءة ماثيو وهمست بصوت مبحوح:

ماثيو… أعتقد أنني… لن أعود أبدًا.

الفصل العاشر: نيرانٌ لا تنطفئ

لم تعد أورورا تلك المرأة التي سقطت من حافة الجبل…

بل صارت تلك التي لا يسقطها شيء.

كانت تخرج مع ماثيو فجراً للصيد، تركض وراء الغزلان بخفة، تصوّب سهمها بثبات، وتصيب دون تردد.

تعلمت كيف تنحت الخشب، وكيف تصنع سهامها بنفسها.

ركبت الخيل حتى صارت الريح تغار من سرعتها،

وتدربت على السيف حتى صار بيدها كأنّه امتداد لجسدها.

لم تعد تنتظر الخلاص، بل صارت هي الخلاص.

وكانت تهمس لنفسها كل مساء:

أنا لم أُخلق لأُكسَر… أنا أُخلَقُ كلّما انكسرت.

في إحدى الليالي، جلست أمام النار، تراقب ألسنتها تتراقص كأنها ترقص لها وحدها.،

تذكرت أمّها… وجهها الباكي، يديها التي لطالما مسحت بها دموعها.

تذكرت أختها، ضحكتها، صوتها وهي تقول :أورو، لا تغيبي كثيراً.

تذكرت زوجها… نظراته الباردة، كلماته الثقيلة، وطعنته الأخيرة: الخيانة.

أغمضت عينيها، وفتحتها ببطء.

الحريق في داخلها أشد من لهب النار أمامها.

قالت لها إيلا بهدوء:

أورورا… هناك سوق يُقام كل قمرٍ مكتمل، يأتون إليه من كل مكان… تجّار، سحرة، محاربون… وربما… أحدٌ يعرف طريق حارة الياسمين.

فتحت أورورا عينيها، نظرت نحو القمر المكتمل في السماء، ثم قالت:

إذن سنذهب. وهي تعلم يقيناً انها لن تجد منزلها,

.....

الفصل الحادي عشر: سُوق القمر

في صباح اليوم التالي، خرجت أورورا مع إيلا وماثيو باتجاه السوق الكبير المعروف بـسوق القمر، لأنه لا يُقام إلا في الليالي التي يكون فيها القمر كاملاً كالعين الساهرة.

الطريق إلى السوق كان مفروشًا بالتراب الأحمر، وعلى أطرافه نمت أعشاب ذات ألوان لم ترَها أورورا من قبل، منها البنفسجي المائل إلى الأزرق، ومنها البرتقالي الناري.

وصلوا إلى السوق عند الغروب، وكان مشهدًا لا يُنسى.

السوق وُلد من الحكايا والأساطير.

كان واسعًا جدًا، حتى بدا وكأنه لا نهاية له. الخيام تمتد كقوس قزح، بألوان زاهية وعليها نقوش غريبة.

كل خيمة تحكي قصة، وكل رائحة فيه تحيي ذاكرة.

صوت العازفين يعزف على آلة أشبه بالكمان، لكنها أطول ولها أوتار مصنوعة من خيوط ذهبية.

امرأة تغني بلحن شجي، كأن صوتها ماء يتدفق في جدول ناعم.

باعة يبيعون عطوراً محفوظة في قوارير زجاجية منقوشة، حين تُفتح، يتصاعد منها دخان عطري يتشكل على هيئة زهور، أو وجوه عابرة.

أطفال يركضون بين الأرجل وهم يضحكون، وامرأة عجوز تروي لهم حكايا غريبة عن مدينة الغيوم.

رجل طويل القامة يبيع كتبًا لا يُكتب عنوانها إلا حين تلمس الغلاف… فتظهر لك الحكاية التي تبحث عنها دون أن تنطق بها!

أورورا كانت تسير والذهول في عينيها، تنظر إلى الوجوه:

– رجلٌ بعيون بلون الكهرمان يبيع سيوفًا تنبض في أغمادها كأنها كائنات حيّة.

– فتاة شاحبة تبيع مرايا تُظهر لك أعمق شعورٍ تخفيه

– ساحرة ترتدي عباءة من ريش الطاووس، تتنبأ بالمستقبل في مقابل خصلة من شعرك.

قالت إيلا وهي تبتسم:

هذا السوق ليس للعاديين… إنه يُفتح فقط لأولئك الذين يبحثون عن إجابة لا يعرفون سؤالها بعد.

.....

الفصل الثاني عشر: نبوءة تحت ضوء القمر

كان الليل قد تمدّد على السوق، والقمر في تمامه يشبه مرآة سماوية تعكس ما تُخفيه الأرواح.

وقفت أورورا على مضض أمام خيمة مغطاة بالريش الداكن والمرايا المتكسّرة.

خرج منها صوت خافت، امرأة تقول:

ادخلي… أنت من كنتُ أنتظرها منذ سنين.

ترددت أورورا، لكنها دخلت، والخيمة امتلأت برائحة غريبة من اللبان والورد والرماد.

في الزاوية جلست الساحرة، شعرها أبيض طويل كأنه دخان شتاء، وعيناها بلون الرماد الحي، ترتدي عباءة تلمع بخيوط من الفضة وكأنها نسجت من ضوء القمر نفسه.

قالت الساحرة، وهي تنظر في إناء ماء ساكن:

جئتي من مكان مجهول، لا أرى حدوده بوضوح… صور تتداخل… لكني أرى شيئاً أقوى من الوضوح، أرى مصيراً.

توقفت أورورا، مستندة بيدها على طاولة خشبية قديمة، تحدق في المرأة بدهشة.

الساحرة بصوت منخفض يشبه الهمس:

أراكِ تقفين على منصة، وخلفك جيشٌ لا يُعد.

أسماؤهم تُكتب على الأعلام، واسمك يسبقهم.

سيهتف بكِ الناس، وسيغني الشعراء عن شجاعتكِ.

أنامل تُخط القصائد من أجل سيدة لا تُقهر.

ضحكت أورورا، هزّت رأسها، وقالت بسخرية:

قصتكِ جميلة، لكنكِ تخطئين العنوان… هذه الحكاية تُروى لطفلة، لعلّها تصدق، لا لامرأة مثلي.

صمتت الساحرة، عيناها لا ترمش.

ثم أغمضتهما فجأة، وشحب وجهها.

صوتها خرج منهكًا لكنه ثابت:

ستُفتح لكِ أبواب…

لكن لا أنصحك بالعودة إلى حيث جئتِ.

هناك، في الضباب الذي رأيته، ينتظرك دمار قلبكِ…

دموع لا تجف، ودماء تُراق.

ثم ارتجفت يد الساحرة، وهمست:

رجلٌ مُلثّم، يرفع سلاحًا…

وأنتِ تنزفين…

ورجلٌ آخر، ماكر النظرات،

يعانق شقيقتكِ،

وبينهما طفل صغير...

ذلك الطفل… ليس مجرد طفل…

وضعَت يدها على صدرها، حيث خُيّل لها أن قلبها يسقط من مكانه.

إنه ابنهما… ابن خيانةٍ نُسجت على سريري أنا.

انكشفت الحقيقة فجأة أمامها، كلوحة كانت معلقة مقلوبة ثم دارت لتُظهر قبحها كله:

زوجها لم يحبها… لم يكتفِ بخيانتها…

بل كان ينتظر موتها، ليتزوج شقيقتها علنًا،

وينجب منها طفلاً، اسمه هو، ودمه هو…

لكن على حساب أورورا، على حساب كرامتها، وطفولتها، وكل ذكرياتها معهم.

شهقت أورورا، وشحب وجهها:

كيف… كيف عرفتِ؟

زوجي… يخونني مع أختي…

والرجل الملثم… لم تكن كذبة إذاً!

نظرت الساحرة إليها بعين لا تَدين ولا تَشفق، وقالت:

أنتِ لا تصدقين، لكن قلبكِ يرى.

سيأتي يوم، ستنتهي فيه مأساتكِ،

وستكتبي بيدكِ حياة جديدة لا تعود لأحد سواكِ.

---

ثم خرجت أورورا من الخيمة، والقمر يضيء الطريق خلفها…

لكن داخلها، كانت عاصفة بدأت للتوّ.

....

كانت اورورا طبيبة في عالمها ، قررت بما انها ستبقى في هذا العالم الذي احتواها ان تداوي الناس بعلمها تنتفع وتُنفع،كانت أورورا طبيبة غير كلّ الأطباء، تمشي في دروب القرية كنسمة فجرٍ هادئة. تُجالس الألم برقة، وتواسيه كأنها تُزرع في كل جرحٍ بذور أملٍ جديدة. لم يخلُ بيتٌ من زيارتها، تحمل في كفّها بلسم الشفاء، وفي قلبها رحمةٌ تملأ أرجاء القرية. أحبّها أهل القرية، وتعانقها القلوب الصغيرة قبل الكبيرة، كأنها نورٌ نزل إليهم من السماء، يترك وراءه سكينةً لا تُنسى.

في صباح ذلك اليوم، سارت أورورا بخطى هادئة نحو قلب المدينة، حيث السوق العتيق ينبض بالحياة كقلب لا يعرف السكون. كانت تبحث عن أعشاب طبية، وبعض حاجيات البيت، بينما تغمرها أصوات الأطفال وضحكاتهم التي تتراقص كالندى على أوراق الصباح.

توقفت للحظة، تستنشق عبير التوابل المختلط بعطر الخبز الساخن، ورأت في السوق أربعة رجال بملابس براقة، يتحدثون بلهجات غريبة وعيونهم تلمع بمكرٍ مبطن. التقطت أذناها كلماتهم، لغة قديمة لا يتقنها إلا من درس التاريخ القديم... كلمات لم تكن تجارة، بل تحذير لغزوٍ قادم.

لم تتردد، ركضت نحو الغابة القريبة، وأخرجت ورقة خطّت عليها بعجلة:الخطر قريب. يتظاهرون بالتجارة... لكنهم غزاة. راقبهم. المكان في خطر.

ربطت الورقة بسهم وأطلقتها صوب الحرس، الذين انطلقوا مسرعين في فزع، حاملين الرسالة التي قلبت مجرى الأمور.

القائد أخذ الورقة وقرأها بعينين متسعتين. لم يكن هناك توقيع، فقط… التحذير.

التفت إلى رجاله:

راقبوا التجّار الجدد، لا تتركوا أحدًا يقترب من حدود المعسكر. ولا كلمة واحدة عن هذه الرسالة.

بينما أورورا... عادت بصمت إلى بيتها الطيني، وابتسامة صغيرة تختبئ خلف عينيها.

أحيانًا، يكفي أن تكون الخطر الذي لا يراه أحد… لتنقذ الجميع.

الفصل الثالث عشر: الشباك تُنسَج

أمر القائد رجالاً مختارين بمراقبة التجار بصمت.

بينما الجواسيس يخططون لفتح الثغرات، كانت الثغرات تُغلق خلفهم.

الأحاديث تهمس في السوق.

تجارٌ يسألون بتوتر…

من هؤلاء الغرباء؟

أين باتوا البارحة؟

كل من في المدينة بدأ يشك، وكل من يراقب… يزداد يقيناً.

وفي أحد الليالي…

كانت المدينة صامتة جداً…

هدوء ما قبل العاصفة.

خرج القائد بنفسه في جولة، يتبع آثاراً صغيرة، سمع أصواتًا خافتة تحت رداء الليل:

سنضرب من هنا، ثم نسيطر على الساحة…

انقضّ القائد على حديثهم كالصقر.

الآن!

وانقض جنوده من بين الظلال،

صرخات، صليل سيوف،

أحد الجواسيس حاول الهرب…

لكن سهمًا آخر، هذه المرة من أحد الجنود،

غرز في ركبته. سقط.

---الفصل الرابع عشر: عيناها تراقبه

ومن سطح بيتٍ بعيد،

كانت أورورا واقفة، تراقب.

القمر خلفها، والنيران تشتعل في قلبها.

رأت القائد وهو يسير بين الأسرى،

هامته مرفوعة، صمته يتحدث،

وهي… قلبها خفق.

لم يكن فقط قائداً…

كان عقلًا لا يُخدع،

وسيفًا لا يُكسر.

شعرت لأول مرة أن هذا المكان… قد لا يكون مؤقتًا.

قد يكون وطنًا جديدًا.

أو على الأقل… قلبها وجد قائده.

الفصل الخامس عشر: من خلف اللحية المصطنعة

مرّت أيام قليلة بعد وقوع الجواسيس في الفخ،

لكن ما هدأت نفس القائد…

كان شيء بداخله يصرخ:

من أرسل الرسالة؟ من هذا العقل الذي سبقني بخطوة؟!

فأصدر أمرًا:

علّقوا هذه الورقة في السوق، في المخبز، عند البئر، وعلى أبواب المنازل.

وكتب فيها:

إلى صاحب السهم،

نحن نعلم أنك أنقذت المدينة،

وستظل في أمان،

إن كشفت عن هويتك، لك جائزة من الملك ذاته.

المدينة اهتزت بالخبر، الجميع يهمس، الأطفال يقلدون حركة إطلاق السهم،

لكن أورورا… وقفت تنظر للمنشور بعيون متوجسة،

قلبها ينبض بشدة:

لو علموا أني فتاة... ماذا سيحدث؟

هل سيصدقونني؟ أم يسخرون؟ أم يُسكتوني؟!

لكنها لم تكن ممن يتراجع أمام الخوف.

وفي ليلةٍ بلا قمر،

تسللت أورورا نحو الإسطبل،

لفّت صدرها بقطعة قماش، ارتدت معطفًا طويلًا، وألصقت لحية سوداء، ثم أنزلت قلنسوة فوق حاجبيها،

ركبت حصانها كأنها فارس قادم من الظلال.

كانت تعلم أن القائد يخرج كل خميس للغابة وحده، لتفقد الحصون.

وتلك هي اللحظة.

الغابة…

الريح تمرّ كأنها تهمس الأسرار،

والقائد يترجّل عن حصانه ليتفقد الصخور القديمة،

فإذا به يسمع صوت حوافر يقترب بخفة.

استدار،

رأى فارسًا غريبًا، وجهه مخفي، صوته غامض.

أنت وحدك؟

قال الفارس بصوت خشن متعمد.

من أنت؟ ما شأنك؟

اقترب الفارس، وأخرج شيئًا صغيرًا،

كان جزءًا من الورقة التي أرسلها سابقًا، موقعة بنفس الخط.

صمت القائد، عينيه اتسعتا، قلبه خفق.

أنت؟!

الأعين مفتحة الآن،

همس الفارس بصوتٍ أقرب لأنثى تحاول أن تبدو قوية.

ها قد رأيتني… فتوقف عن البحث.

وقبل أن يرد القائد،

ضربت أورورا كعب الحصان، فانطلق كالسهم وسط الظلام،

وثوبها الطويل يطير خلفها،

الفصل السادس عشر: السقوط الذي كشف كل شيء

كانت أورورا تسير وسط الظلال،

متخفيةً كالعادة، بثياب رجلٍ وسيفٍ قديم لا يعرف اللمعان…

تحمل في جيبها خريطة سرّية، وصلتها من تاجر مريب،

تدل على موقع مخازن السلاح التي يُخفيها المتسللون.

كانت تنوي تسليمها للقائد بنفسها،

لكن دون أن تُكشف، كما اعتادت…

رسالة تتركها، سهم ينغرس في جذع، يتبعه تحذير.

وفي تلك الليلة،

وصلتها رسالة على رقعة جلد، ممهورة بختم ذهبي،

كتب فيها:

إن كنت صاحب الظل… فالقائد ينتظرك الليلة، وحده، في الإسطبل الجنوبي. أحضر. لا خطر.

رسالة لا تُقاوَم، ختم القائد واضح…

لكن ما لم تعرفه أورورا…

أن أحد الجواسيس، ممن تظاهرت بمساعدته، قد شكّ بها

في الحقيقة، القائد لم يكتب شيئًا.

الختم سُرق من حرسه في ليلة مضطربة،

واستُخدم لنصب الفخ.

---

دخلت أورورا الإسطبل الجنوبي،

رائحة التبن… صرير الخشب… صمت غريب.

أين هو همست لنفسها.

خطت للأمام، تركب الخريطة على طاولة خشبية،

وفجأة، انطفأت المصابيح الزيتية دفعة واحدة،

وانهال الحطب خلفها بصوت ارتطام حاد.

طُوّقت.

من أعلى الطابق الثاني، انطلقت صفارات صغيرة،

ومن بين الظلال خرجوا…

جنود من النخبة، بثياب لا تصدر صوتًا، دروعهم خفيفة، عيونهم تشعّ حذرًا.

لا تتحرك!

ارفع يديك!

من أنت؟!

ارتبكت…

مدّت يدها لسيفها، لكن أحدهم أمسك بكتفها من الخلف،

ثنت جسدها، أفلتت منه، راوغت،

قفزت على الصندوق، قناعها يهتز،

وفي لحظة جذبٍ خاطئة،

سقط القناع…

شَعَرها انسكب كسيلٍ من الليل،

وصوت أحد الجنود شهق:

إنها… فتاة؟!

وظهر القائد على الدرج الخشبي، ممسكًا بمشعل،

وجهه مشدوه،

لم يكن الفخ من تدبيره،

لكنه حين علم، تبعهم بصمت ليكشف كل شيء بنفسه.

وقف أمامها، عيناه لا تصدقان:

أنتِ…؟ فتاة..!؟!

لكنها لم تمنحه فرصة…

ركلت أحد البراميل المشتعلة، تناثر الشرر،

قفزت من النافذة، امتطت حصانًا كان ينتظرها خلف الإسطبل،

وصوتها يتردد في الهواء:

توقف عن البحث عني… الآن رأيتني.

وغابت في ظلمة الغابة،

وتركت خلفها قلب قائدٍ ينبض بأسئلة لا جواب لها.

لأول مرة... خفق قلبه.

من كان يظن أن القائد الصارم، الذي لطالما نظر للنساء كزينة تمرّ في الخلفية، قد يُؤخذ قلبه؟ أن يقع؟ بل ويُفتتن!

لكنها لم تكن فتاةً عادية،

ومنذ أن لمحها، صار السوق مأواه،

يجوب أزقّته أيّامًا وأيّام،

باحثًا عن طيفٍ أنثوي يحمل سرّاً أكبر من أن يُفهم من نظرة.

وفي يومٍ عادي، جلس يتناول الشواء على كرسيٍ خشبي متهالك، وسط العامة.

لباسه رديء، كأن لا شأن له،

لكن عينيه… كانتا تتكلمان، تراقبان السوق بصمت صاخب.

ثم رآها.

هي.

تحمل أعشابًا طبية في كفّها،

تمشي برصانةٍ لا تعرف التصنّع،

تُسلّم على من عرفتهم في السوق،

ينادونها الطبيبة،

وقد فاجأه هذا، كأن كل مرّة يراها فيها، يكشف عنها قشرة أخرى،

كأنها صندوقٌ مغلق لا يُسلم سره إلا لمن يستحقه.

قال في نفسه:

من أنتِ؟ ما الذي تخبئينه بعد؟

قرر أن يتبعها، حتى وصلت إلى بيتٍ بسيط بإحدى القرى

بيت الصياد.

سأل أحد الأطفال القريبين:

من هذه؟

فقال الصغير ببراءة:

هذه الطبيبة أورورا، أخت الصيّاد. طردها زوجها فعادت لتسكن معه.

تجمّد في مكانه.

مطلّقة؟!

شعر بشيء ثقيل يجتاح صدره،

غصّة لم يعرف لها اسمًا،

لكن رغم ذلك...

في كل ليلة،

كان وجهها يزوره،

وكان يفكر فيها أكثر مما يجب.

الفصل السابع عشرفي ليلة رمادية، ضباب كثيف يتسلل بين الأزقة، والسماء حبلى بالمطر.

دقّ الباب على مهل،

فتحت أورورا، وإذ بالقائد أمامها،

بوجهه الجاد، وهيبته المألوفة… لكنها لم تنطق.

عينها اتسعت، وصوتها خانها.

فقال بهدوءٍ عميق:

الناس يتهامسون في السوق عن طبيبة بارعة… طبّكِ غريب، وكأنه معجزة. ابن الحاكم مريض، وقد عجز أطباء القصر عن شفائه… إن تعافى على يديكِ، سيكافئكِ الحاكم شخصيًا.

لكن ما لم تقله عيناه،

هو أنه كان يأمل، أن تكون هذه فرصته…

ليقترب منها،

ويتعرف على ما تخفيه خلف تلك النظرات الواثقة،

والخطى الهادئة التي تشبه المطر قبل أن يهطل.

سارت بجانبه، بينما هو يقود حصانه،

فقال:

الطريق طويل ومظلم… أخشى أن نضيع، ثم إن المسير سيبطئنا.

وهنا قال ماثيو:

لا بأس، إنه قائد نزيه، وله حقّ فيما يقول.

لم تكن سوى خطة ماكرة منه،

لكي تركب خلفه…

لكي تمسك به، وتثق فيه، وتراه عن قرب، لا كقائد، بل كرجل.

جلست خلفه، وضعت يديها برفق على كتفيه،

وانطلق الحصان كريح الشتاء،

لكن السماء لم تمهلهما،

أمطرت بغزارة.

قال القائد، نحتاج مأوى. الظلام والمطر لن يرحما الحصان ولا نحن.

بعد قليل، وجدوا كوخًا قديمًا، مهجورًا،

دخلوه، وأشعل القائد النار،

جلسا متقابلين،

وكل منهما يتظاهر بأنه لا يراقب الآخر.

لكنه،

كان يحدّق بها حين تلتفت،

وحين تدور إليه فجأة،

كان يشـيح بوجهه خجلاً.

فابتسمت… وقالت:

لم أكن أعلم أن القائد خجول! خلف هذه القوة والوجه العابس، ماذا تخفي أيضًا؟

قال مستغربًا:

أترينني عابسًا؟!

ضحكت وقالت:

لم أقصد الإساءة… لكنك لا تبتسم، ودائمًا حين أراك في السوق، تسير وكأنك ذاهب إلى حرب!

قال هامسًا كأنه يكتشف شيئًا بنفسه:

غريب… كيف لم ألاحظك؟

أجابت بهدوء:

لا أعلم، لكنني لاحظتك أول مرة… حين سرق رجل كيس نقود من رجلٍ ثري، فأمسكته،

ولم تعاقبه، بل سألتَه: لماذا سرقت؟

فأجابك: أطفالي جياع ولا أحد يشغّلني

صرخت في الناس من حولك:

أين الرحمة؟ من منكم يساعد المحتاج؟

ثم نظرت إليه وأعطيته من مالك، وقلت له:

'خذ… افتح محلاً تعيش به مع أطفالك. وإن احتجتني… بابي لا يُغلق.'

نظرت إليه بعينين دامعتين:

في تلك اللحظة، سألت نفسي… أي قلب يملكه هذا القائد؟

ابتسم أخيرًا، وابتسامته كسرت شيئًا من الصمت الدافئ،

وقال بهدوء:

أنا لحم ودم، مثلي مثلكِ…

لكن أنتي، أنتي دائمًا… تفاجئينني.

كان البرد شديدًا،

لكن الحديث…

كان دافئًا بما يكفي لأن يُنسيهما الشتاء،

الكوخ، والمطر، وحتى العالم.

بعد أن هدأ المطر وانكشفت الغيوم،

نهض القائد أورورا ليكملا طريقهما نحو القصر. كان الطريق طويلاً وشاقًا، لكن نور الشمس الذي بدأ يشع فوق رؤوسهم أعطاهم أملاً جديدًا.

وصلوا إلى القصر. كانت الأبواب مشيدة بالحراس، والساحة تزدحم بالجاريات، بعضهن يرقصن في مجموعات فرِحة، وأخريات يعملن بتعب في أرجاء المكان.

دخلوا قاعة العرش حيث يجلس الحاكم، رجل مهيب وعيناه تلمعان بدهاء:

الحاكم ضاحكًا:

إذن، أنتِ من يُلقبونها بـ ظل السهم! جميلة تلك القصص التي سمعتها عنكِ وبطولاتكِ.

أورورا (تنحني بهدوء وهي تمسك أطراف فستانها):

من واجبي، سيدي الحاكم.

الحاكم:

استريحي، لابد أنكما متعبان من طريق السفر.

ثم التفت إلى الحراس يأمرهم بإعداد وليمة خاصة لأورورا والقائد.

الحاكم للقائد أدريان:

شكرًا لك لاهتمامك بابني، الأمير الصغير.

أدريان بانحناءة خفيفة:

من واجبي، يا مولاي، مساعدة كل مريض ومحتاج.

بعد الوليمة، أمر الحاكم بإحضار الأمير المريض.

كان طفلًا لا يتجاوز السادسة، شاحب الوجه، عيونه مطفأة، يتشبث بملابس أمه الملكة بخوف. رفض الأكل، وملامحه الصغيرة ترتجف بصمت.

اقتربت الملكة من أورورا:

سمعت أنكِ ماهرة في الطب. أرجو أن تكوني عونًا لنا.

نظرت أورورا في عيني الطفل، ولاحظت اصفرارًا في بؤبؤيه، ثم همست للملكة:

أورورا:

سموّ الملكة… هل بوله لونه أصفر فاقع؟

الملكة بدهشة:

نعم، كيف علمتِ؟

نظرت أورورا بحزن وقالت بهدوء:

أيمكنني التحدث معه على انفراد؟

الملكة بقلق:

هل من خطبٍ ما

أورورا:

سأتحدث معه، ثم أخبركِ.

اصطحبت أورورا الطفل إلى زاوية هادئة، جلست على ركبتيها أمامه وهمست بلطف:

أورورا:

ما اسمك، صغيري؟

الطفل بخجل:

ريان.

أورورا مبتسمة:

يا له من اسم جميل

… ريان،هل أخافك شيء؟ هل ظلمك أحد؟

ظل الطفل صامتًا، عيناه تترقرقان، لكنه لا يبكي. نظرت حوله، ثم همس بصوت مرتجف:

ريان:

رأيته… الوزير… في الحديقة يقتل رجلًا. وعندما رآني، هددني. قال إنه سيقتل أمي وأبي إن تحدثت.

احتضنته أورورا بقوة وهمست:

لا تخف يا صغيري… أنا معك، ولن يؤذيك أحد ما دمتُ حية.

نهضت، وأمسكت بيده ثم توجهت إلى الملك والملكة.

أورورا:

الأمير مريض بالصفار، وقد وصل إلى دمه. حالته تحتاج إلى علاج فوري.

الحاكم:

وما دواؤه؟

أورورا:

يحتاج أسبوعًا على الأقل للشفاء. يجب منعه من أكل اللحوم والعجين وكل طعام ثقيل. يجب أن يعتمد على الفواكه الحلوة والعسل فقط، فهما مفيدان له.

الملكة:

آمل أن يُشفى على يديك، يا أورورا.

أورورا بانحناءة بسيطة:

هذا واجبي كطبيبة.

الحاكم:

أين تعلمتِ الطب؟

صمتت للحظة ثم قالت بثقة:

أورورا:

من أجدادي… كانوا ماهرين في الطب منذ أزمان.

ضحك الحاكم بإعجاب

إذن سنعتمد عليكِ… طبيبة القصر الجديدة.

كانت أورورا تبحث عن فرصة لتختلي بالقائد…

ما يحدث في القصر ليس أمرًا يمكن السكوت عنه.

الوزير… والطفل… والخوف الذي يسكن العيون الصغيرة… كل هذا أثقل صدرها.

وفي أحد الأيام، رأته جالسًا وحيدًا تحت ظل شجرة في الحديقة الخلفية للقصر، شارداً، كأنه يحادث نفسه أو يقلب أمرًا في ذهنه.

ركضت نحوه، وقلبها يخفق بشدة:

أورورا (لاهثة):

أدريان… الموضوع خطير ولا يحتمل التأجيل.

رفع رأسه بسرعة، وقد قرأ الذعر في ملامحها:

أدريان:

ما الخطب؟

جلست بقربه وهمست بما أخبرها به الأمير ريان.

شحب وجه القائد، وضرب بكفه على الأرض ثم قبض على عباءته بقوة، وقال:

أدريان (غاضبًا):

اللعنة! إذن هو… هو من يفتن داخل القصر ويقتل الأوفياء للحاكم الواحد تلو الآخر.

ثم نظر إليها بعينين حادتين:

اسمعيني، أورورا… ابتعدي عن هذا الأمر. الوزير ليس شخصًا عاديًا… هو خطير، وخبثه لا حدود له. سأتصرف، لكن أحتاج بعض الوقت… لا أريد أن تُمسّي بسوء.

صمتت أورورا، ولكن قلبها كان يغلي… ليست ممن يخشون المواجهة، خصوصًا حين يتعلق الأمر بطفل بريء.

في الأيام التالية، بدأ القائد يراقب تحركات الوزير سرًا.

يسأل الحرس، ويتفقد الزوايا المنسية في القصر، وكل مساء، يجلس تحت نفس الشجرة… يفكر ويخطط.

كيف أنصب له فخًا دون أن يشعر؟

كيف أكشفه أمام الحاكم دون أن يشك أحد بخيانتي؟

هذا الوزير… ماكر شهير، وكل خطوة نحوه قد تكلّفني حياتي… أو حياة أورورا

في ليلٍ لم يكتمل فيه القمر،

جلس القائد تحت ضوء الشُعاع المتسلل من نافذة غرفته،

يخطّ على الورق رسالةً لا تُقرأ... بل تُفهم من بين السطور،

رسالة زُرعت عمداً لتسقط في يدٍ ملوّثة بالدم والدهاء.

لقد وصلتني أدلة على خيانة أحدٍ مقرّب من العرش،

المذنب ليس مجهولاً،

الدليل محفوظ في غرفتي،

من يقرأه... يُدان.

وطوى الرسالة، ثم دسّها بيد خادمٍ وفيّ،

وقال بصوت يهمس كما يهمس الغضب:

أوصلها... ودع الشيطان يقود نفسه نحو حتفه.

في المساء التالي،

الوزير

وجهه المصقول كمرآة مكسورة

دخل غرفة القائد كمن يسرق الأمان من قلب رجل،

بحث كالمجنون... فتح الصندوق…

ووجد الرسالة.

لحظتها، انكسر الصمت.

القائد أدريان:يخرج من خلف الستار

نعلم من تكون،

فأمثالك لا يُخفون رائحتهم خلف عطر السلطة،

اليوم لا يحاكمك الورق… بل العدل.

لحظة الانفجار– بداية الحرب الصغيرة:

في لحظة هروب،

أطلق الوزير صفيرًا، فإذا بخونة من الحرس ينقضّون على القاعة،

ويتحول القصر إلى ساحة معركة.

القائد يصرخ:

احموا الحاكم! لا تدعو الظلال تبتلع هذا القصر!

اندلع الهجوم.

كان القصر كالغابة،

والأمان طيرٌ ذُبح في أول لحظة.

السيوف تُسحب،

والقائد في وسط الساحة…

يحارب بخطى الأسد الجريح،

واحدًا تلو الآخر يسقط حوله.

لكنه لا يعلم… أن في الظل…

قوسٌ مشدود، وسهمٌ مُوجّه إلى ظهره.

دخول أورورا المفاجئ:

كانت خلف أسوار الجناح الشرقي،

القائد أمر بحبسها هناك، خوفًا عليها…

لكنه نسي، أن الخوف لا يوقف قلبًا نقيًا.

سمعت صراخ الجنود…

فكسرت القفل…

ركضت بثوبها الممزق من الجدران والأشواك…

حتى وصلت.

وبينما السهم يطير نحو القائد…

صرخت:

أدريان!

وقف الزمن لحظة،

التفت القائد…

لكن السهم لم يتراجع.

بل وجده في صدر أورورا.

السهم في القلب لا يُميت الحب:

وقع القائد على ركبتيه،

احتضنها قبل أن تسقط تمامًا،

صوته مخنوق:

قلت لكِ… لا تقتربي… لماذا؟!

ابتسمت، ودمها على شفتيها:

لأنك أنت الذي اقتربت من قلبي… ولم تسألني إن كنت أسمح.

غضب القائد تفجّر…

كأن عينه اشتعلت نارًا،

صاح بصوت أسكت الخيول:

لا رحمة! لا يُغمد سيفٌ حتى يخرّ كل خائن!

النهاية النارية:

بقي يقاتل والدم في عينيه دموع،

رفاقه يستمدون من صمته قوة،

من صراخه شجاعة،

وأخيرًا… سقط الخونة.

وقف فوق أنقاض الحرب،

وعاد لأورورا، التي رُبط الجرح في صدرها،

أفاقت ببطء…

فقال:لم أعد أخاف عليك…

بل أخاف من يومٍ لا أراكِ فيه.

مرّت الأيام كأنها حلم رقيق بين أصابع القدر،

وشُفي الأمير ريان كما وعدت أورورا… بل كما أقسم قلبها قبل لسانها.

عاد اللون إلى وجهه، وصوته إلى ضحكته،

وعاد الأمل في عيون الحاكم والملكة،

وفي كل ركن من أركان القصر، صار اسمها يتردد:

الطبيبة المعجزة… أورورا.

بينما كانت أورورا جالسةفي احدى الليالي قرب الموقد، عيناها تائهتان تتأملان السماء من نافذتها،

لمحت فجأة نورًا ساطعًا يفتح أمامها بابًا، كأنه بوابة لعالمها الحقيقي،

ترددت، وقف قلبها على حافة الخوف والحنين،

تذكرت كلمات الساحرة التي حذّرتها،

هناك، ينتظرك الموت.

دمعت عيناها بسكون، وسألت نفسها بصوتٍ خافتٍ يرتجف:

أي مصير هذا الذي أختاره؟ هل عليّ أن أعاني حقًا؟

هناك، في هذا العالم، من يحبها بصدق ويؤمن بها بلا شروط،

أما هناك، في ذلك العالم الآخر، فخيانة أختها تشق روحيها،

قطعة من ذاتها، تضيع بين الألم والخذلان.

آه يا أورورا… كم أنتِ تعيسة همست لنفسها،

تلاشت الابتسامة من شفتيها، ودارت بوجهها بعيدًا،

جلست صامتةً قرب النافذة، تنظر إلى الباب الذي أغلق على عودتها إلى الأبد.

بعد أسابيع من الشفاء…

كانت أورورا ترتدي ثوبًا أبيض من حرير السماء،

يموج بخفة مع كل نسمة،

يديها تمسكان بكأس دواء،

تقدّمه للطفل الأمير ريان،

ضحك الطفل وقال:

أنا أفضل الآن! لكنني سأشتاق لأدويتك اللذيذة.

ضحكت أورورا وقالت:

صرتَ شجاعًا كوالدك… بل أكثر.

ثم جاء الحاكم، وأمام الجميع، قال:

أورورا، لم تكوني طبيبة فقط… كنتِ نورًا لهذا القصر،

واليوم… نمنحك لقب طبيبة المملكة الأولى.

صفق الجميع…

لكن ما كان قلب أورورا يسمعه هو خفق قلب واحد فقط…

كان أدريان يقترب، يلبس درعه الرسمي،

لكنه خلع سيفه، وركع أمامها!

صُعقت أورورا، ثم ابتسمت بخجل…

قال بصوته العميق، الذي اعتادت سماعه بين المعارك والهمسات:

في ساحات الحرب كنتُ القائد…

لكن في ساحة قلبك… أنا مجرد رجل وقع في حبك.

مد يده نحوها وقال:

اتقبلين الزواج ب هذا الرجل العابس؟!